مفهوم الصوم في الحضارات الدينيّة وفي الديانة اليهوديّة الأب سامي حلاق اليسوعي الصوم هو إحدى السمات المشتركة للديانات التوحيديّة وغير التوحيديّة. وهو بالتعريف امتناع لفترة محدودة عن الطعام أو عن أيّ شيءٍ آخر كالجنس أو التبرّج أو الكلام ... وقد مارس الناس في الديانات الشرقيّة الصوم بطرائق مختلفة. فمنهم مَن كان يتناول وجبة واحدة يوميّاً في ساعة متأخّرة من النهار، ومنهم مَن يكتفي بتناول الخبز والماء... صوم الديانات القديمة كان الصوم في الديانات القديمة يرتبط دوماً بطقوس المُسارة Initiation، وهي الطقوس الّتي يتمّ فيها ضمّ شخصٍ إلى جماعة بعد إطلاعه على أسرارها. وارتبط الصوم أيضاً بالتجديد أو الحزن أو التطهير والتنقية. ففي الديانات الآسيويّة، يُمارَس الصوم لتفجير الطاقات الكامنه في الإنسان، الّتي يعيق الطعام نشاطها، ولتنقية الجسم من السموم الّتي تتراكم فيه من الطعام والهواء غير النقيّ. فقد استعمل الطبّ الصينيّ الصوم لعلاج كثيرٍ من الأمراض. وحتّى الآن، حين يصاب الصينيّ بالحمّى يصوم، فلا يتناول سوى الماء. وهي طريقة تختلف عن طريقتنا الّتي تعتمد على تغذية المريض بالفيتامينات لمساعدة جسمه على مقاومة المرض. كما يُمارَسُ للارتقاء الروحيّ. ففي سيرة سيذهارتا غوتاما (البوذا)، كان الصوم وسيلةً لبلوغه حالة الانطفاء (النيرفانا). "لن آكل شيئاً ولن أشرب ولن أتحرّك من هنا حتّى أبلغ مرامي". هذا ما قاله البوذا حين عزم على سبر غور حيواته السابقة. ومارس الفراعنة الصوم، لأنّه في نظرهم أكثر الطرائق جدوى وبساطة لكبح البؤس والضعف والغضب. فبالصوم يمنع الصائم عن هذه الرذائل الطعام فيُضعفها، وينقّي المآت (أي القلب، أو الضمير، أو السلوك الأخلاقيّ) منها. وكان القدماء يرفقون الصوم عن الطعام بانقطاعاتٍ أخرى كالامتناع عن العمل وعن الكلام وعن الجنس وعن مختلف متع الحياة. ومنذ قديم الزمان أيضاً، وفي جميع الأديان، كان الصوم يتمّ في جوٍّ من الحزن والألم. حين يصوم الإنسان يتألّم ويشعر بمأساة العجز، فينمو لديه شعور بالشفقة وحاجة إلى طلب النعمة وتسوّل الصفح والمغفرة. فيمكننا إذاً أن نقول إنّ صوم الديانات القديمة هو عمل تكفيريّ، وألمٌ ينـزله الإنسان بنفسه فينال منه التنقية، ويطرد عن نفسه – أو عن جسده – جميع أنواع الشرور. | ||
via مين غيرك بيحن عليا http://www.meen-8yrk.com/vb/showthread.php?t=1952&goto=newpost
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق