السبت، 27 أبريل 2013

احد الشعانين :القيم الروحية في أحد الشعانين .



احد الشعانين :القيم الروحية في أحد الشعانين .... بقلم الراهب كاراس المحرقى




القيم الروحية في أحد الشعانين



الراهب كاراس المحرقى












في مثل هذا اليوم من كل عام، نرى الكبار والصغار، رجالاً ونساءً وهم ذاهبين إلى الكنيسة، حاملين ٍبأيديهم سعف النخيل، يجدلونه ضفائر ويعملون به أشكالاً على هيئة صلبان، يرفعونها بأيديهم وهى مُزيّنة بالورود، حتى لا ترى واحداً لا يعرف أنَّ هذا اليوم هو: أحد الشعانين أو أحد السعف أو الخوص.



و إنَّ المسيحيين لم يحتفلوا بهذا العيد عبثاً، أو لمجرد تذكّر حدث عظيم في حياة المسيح، بل لأغراض مقدّسة نذكر منها الآتي:



إعلان لاهوت المسيح



ففي قول السيد المسيح: " إِذْهَبَا إِلَى الْقَرْيَةِ الَّتِي أَمَامَكُمَا فَلِلْوَقْتِ تَجِدَانِ أَتَاناً مَرْبُوطَةً وَجَحْشاً مَعَهَا فَحُلاَّهُمَا وَأْتِيَانِي بِهِمَا وَإِنْ قَالَ لَكُمَا أَحَدٌ شَيْئاً فَقُولاَ: الرَّبُّ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِمَا فَلِلْوَقْتِ يُرْسِلُهُمَا " (مت2:21،3) دليل على معرفته بالغيب، وأنَّه هو الإله يقيّ الذي يعرف المستقبل..



وقد تم كل ذلك مع ملاحظة تعبير (الرب)، الدالة بوضوح على لاهوته..



وقبل أن يدخل أورشليم، وفيما هو يقترب منها، نظر إلى المدينة وبكى عليها، وأعلن ما سيحدث لأورشليم فقال: " سَتَأْتِي أَيَّامٌ وَيُحِيطُ بِكِ أَعْدَاؤُكِ بِمِتْرَسَةٍ وَيُحْدِقُونَ بِكِ وَيُحَاصِرُونَكِ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ وَيَهْدِمُونَكِ وَبَنِيكِ فِيكِ وَلاَ يَتْرُكُونَ فِيكِ حَجَراً عَلَى حَجَرٍ لأَنَّكِ لَمْ تَعْرِفِي زَمَانَ افْتِقَادِكِ " (لو42:19 – 44).



وهذا ما حدث على يد تيطس القائد الروماني سنة (70م)، أي بعد حديث الرب بحوالي (40) عاماً.

إنَّ الكائن الفريد الذي لم يرد في التاريخ من يشبهه؟! لا يمكن أن يكون مجرد نبيّ أو إنسان ولد وعاش ومات؟ لأنّ ولادته الجسدية من عذراء فريدة (إش7: 14)!



وعاش كل حياته بلا خطية! وقد قال مرة لليهود " مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ " (يو8: 46).

وصنع معجزات خارقة!! فقد شفى المرضى، وجعل العرج يمشون، والصم يسمعون، والعمى يبصرون، والخرس يتكلمون، والمفلوجين يتحركون.. حتى الطبيعة كانت تخشاه وتطيعه، فكان ينتهر الريح ويأمر البحر فيهدأ...



وغفر الخطايا التى لا يغفرها إلا الله " وَإِذَا مَفْلُوجٌ يُقَدِّمُونَهُ إِلَيْهِ مَطْرُوحاً عَلَى فِرَاشٍ فَلَمَّا رَأَى يَسُوعُ إِيمَانَهُمْ قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: ثِقْ يَا بُنَيَّ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ " (مت9: 2) وفى بيت سمعان الفريسيّ قال للمرأة الخاطئة: " مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ " (لو47:7).



وقد هزم الموت عندما أقام أمواتاً من الموت وأعادهم إلى الحياة فقد أقام: ابن أرملة نايين (لو7:11- 17)، وابنة يايرس )مت9: 8- 26)، ولعازر (يو11: 1- 44) وأخيراً استطاع بقوة لاهوته أن يقوم من بين الأموات ويصعد إلى السماء!!



تأكيد صحة نبوات الكتاب المُقدّس



فقد تحققت نبوة زكريا النبيّ عن هذا اليوم: " اِبْتَهِجِي جِدّاً يَا ابْنَةَ صِهْيَوْنَ اهْتِفِي يَا بِنْتَ أُورُشَلِيمَ، هُوَذَا مَلِكُكِ يَأْتِي إِلَيْكِ، هُوَ عَادِلٌ وَمَنْصُورٌ وَدِيعٌ وَرَاكِبٌ عَلَى حِمَارٍ وَعَلَى جَحْشٍ ابْنِ أَتَانٍ " (زك9:9)

وعن دخول المسيح الهيكل وتطهيره وقوله: " مَكْتُوبٌ أَنَّ بَيْتِي بَيْتُ الصَّلاَةِ وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ " (لو19: 45 ،46)، هو تحقيق لنبوة إشعياء النبيّ: " بَيْتِي بَيْتَ الصَّلاَةِ يُدْعَى لِكُلِّ الشُّعُوبِ " (إش7:56)، ونبوة إرميا النبيّ: " هَلْ صَارَ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي دُعِيَ بِاسْمِي عَلَيْهِ مَغَارَةَ لُصُوصٍ فِي أَعْيُنِكُمْ ؟ " (إر11:7).

وهذا يدفعنا أن نُقدّس بيت الرب لا أن نُدنّسه بأفعالنا يرة، فالله لا يريد أن يكون هيكله موضعاً للتجارة بل مسكناً للقداسة، وكل نفس تستهين بقداسة بيت الله، لا بد أن يأتي يوم وتصير مثل أورشليم خراباً، وهكذا القلب الذي لا يملك عليه المسيح لنجاسته، يصير قفراً مظلماً، وإن كان البيت المهجور تملأه البوم والغربان وتكسيه الأتربة.. هكذا أيضاً القلوب الخالية من المسيح، تصبح مرتعاً لنسور الخطية ووحوش الإثم وتراب الغيرة والحسد والكراهية..



توضيح مُلكْ المسيح



تُرى ما هى طبيعة هذا المُلك؟ أعتقد أنَّ المسيح قد جاء ليملك علينا، لا من بيت عنيا بل من السماء! مقبلاً ليس إلى أورشليم بل إلى قلوبنا! وإن كان المسيح قد صرَّح بأنَّه ملك، إلاَّ أنَّه لم يُصرّح بمُلك أرضيّ، لأنَّ ممالك الأرض تفنى وتزول، وهل يمكن لمن يحوط الأرض بجناحيه أن ينشد ملجأ في عش مهجور؟! أم هل يرتفع الحيّ ويتشرّف بواسطة لابسيّ الأكفان؟! وتستطيع أن تتحقق من مُلك المسيح الروحيّ، من قول الملاك للعذراء مريم عندما بشرها " وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ " (لو33:2)، فو كان المُلك أرضيّ ما قال إلى الأبد.





إنَّ مملكة المسيح ليست من هذه الأرض، وعرشه لم يُبنَ على جماجم الموتى، ولهذا لم يقد ثورة ضد الامبراطور والامبراطورية، وعلى الذين يُطيعونه أن يُطيعوا قيصر ويُعطوه الجزية، ولهذا عندما شفى عبد قائد المئة (مت5:8-12)، لم يجعل شرط الشفاء أن يستقيل من وظيفته في الجيش الرومانيّ.

التأمل في الموكب المهيب



والاحتفال البهيج والجماهير المحتشدة لاستقبال المسيح فترتقي عقولنا إلى يسوع الذي أحبنا، ونتأمل في تلك تواضعه الفريد، فيسوع الذي ضرب لنا بحقارة محل ميلاده في المذود، وعيشة الفقر التى عاشها وهو العظيم المالك كل شيء، ودخول أورشليم متواضعاً على أتان.. أروع الأمثلة عن التواضع والفقر الاختياريّ، وحفّز بذلك المساكين على الصبر محتملين ذلهم، والأغنياء على النزول إلى مستوى الفقراء ومواستهم!

و إنَّ كثيرين يقبلون الله المحبة الذي يُطعم الفقراء ويشفي المرضى.. ولكنهم يتعثرن في فهم الله المتواضع، فقد رسخ في أذهانهم فكرة الله القوي الجبار.. ولكننا نتساءل: هل التواضع فضيلة أم رذيلة؟ أعتقد لو أننا رأينا ملكاً أرضياً ينحني ويُقيم ساقطاً من على الأرض، لتسابقت صحف العالم في نشر هذه الصورة، لعل جميع الرؤساء والملوك يتشبهون به، إذن فالتواضع فضيلة، فلماذا نمدحها في البشر ونرفضها في الله.

الاستعداد الروحيّ لاستقبال ملك الملوك



ولأنَّ المسيح قد جاء ليملك على قلوبنا مُلكاً روحياً، فهو لهذا لا يريد سوى قلبك ليسكن فيه، إذن مهما أعطيت الله بدون قلب نقيّ فلن يقبله ولن يرضى به، وأعتقد أنَّ الحكيم هو من يترك أمجاد العالم ويملأ بالإيمان قلبه، ويُقبل إلى يسوع ليتجند في جيشه الروحانيّ ويحتمي تحت راية صليبه، ويأخذ صورته ويرفعها عالياً، لكي يعلم الجميع أنَّه من أتباع المسيح الذين مَلكْ عليهم.



فيجب أن نستعد لاستقباله بقلوب طاهرة قدَّستها التوبة، نعترف بأنَّ الله لا يسكن في قلب دنسته الخطية، فالله نور ونار والخطية ظلام وبرد.. فهل يمكن أن تقوم شركة بين النور والظلمة؟! كيف يمكن للحياة والموت أن يلتقيان معاً؟! بدون توبة لا حياة، ولا أمل فى حياة، ولا نمو أو إخضرار، هكذا قال رب المجد يسوع: " إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذَلِكَ تَهْلِكُونَ " (لو13: 3).



اكتساب مفاهيم جديدة



فالمسيح الوديع الذي يدعو زكريا النبيّ ابنة صهيون، أن تتطلع إليه متواضعاً ووديعاً ليملأ حياتها ببهجة النصرة هو الذي أمسك سوطاً وطهر الهيكل وطرد الباعة والمشترين وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام (مت12:21)، ولم يدع أحد يجتاز بمتاع (مر16:11).



وقد أعلن لنا المسيح بهذا العمل سلطانه، حتى إنَّ الفريسيين سألوه: " بِأَيِّ سُلْطَانٍ تَفْعَلُ هَذَا وَمَنْ أَعْطَاكَ هَذَا السُّلْطَانَ؟ " كان جواب المسيح: " وَأَنَا أَيْضاً أَسْأَلُكُمْ كَلِمَةً وَاحِدَةً فَإِنْ قُلْتُمْ لِي عَنْهَا أَقُولُ لَكُمْ أَنَا أَيْضاً بِأَيِّ سُلْطَانٍ أَفْعَلُ هَذَا: مَعْمُودِيَّةُ يُوحَنَّا مِنْ أَيْنَ كَانَتْ؟ مِنَ السَّمَاءِ أَمْ مِنَ النَّاسِ؟ " (مت24:21– 27).



ويربط القديس أُمبروسيوس بين تطهير الهيكل، والتطهير من الخطية، والشكلية، والعبودية المرُة للشر... فيقول: إنَّ الله لا يريد أن يكون هيكله موضعاً للتجارة لأنَّ هيكله مقدس، مؤكداً على خدمة الكهنوت أنَّها لا تتم بالاتجار بالدين بل بالبذل الإرادي مجاناً... فالتجارة تشير إلى روح العالم (مغارة لصوص)، والتطهير يتم بالتوبة والاعتراف والحل والتناول من خلال خدمة الكهنوت... والتطهير له بعد الصلوات والعبادات لتقديس الهيكل.






via مين غيرك بيحن عليا http://www.meen-8yrk.com/vb/showthread.php?t=2005&goto=newpost

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق